لأن الفن مرآة الحضارات ،وانعكاس لقضايا المجتمع ، فجر مسلسل " يتربى في عزو " الذي عرض في رمضان الماضي قضية الرجل المدلل غير القادر على الاعتماد على نفسه تاركاً لأمه مهمة التخطيط لحياته وحل مشاكله.وإنقاذه من كل ورطة يضع نفسه فيها هذا النموذج موجود بالفعل على أرض الواقع ، فهل تقبلين الزواج من "دلوعة ماما " حمادة عزو ؟
تؤكد رضوي سالم ، سيدة أعمال ، أن الزواج برجل مدلل مستهتر أمر مرفوض, حيث لا يمكن الاعتماد عليه في بناء أسرة وتربية أبناء.
أما داليا عمر ، طالبة ، فتقول لصحيفة الأهرام ، إن الموافقة علي الارتباط بحمادة عزو أو أمثاله مجازفة كبيرة, فبعد فترة سيشعر بالملل ويرفض الالتزام ويبحث عن نزوة أو زيجة جديدة.
زيجة فاشلة
لا يمكن أن ننكر أن معظم الرجال مرتبطون بأمهاتهم, ولكن أن تتدخل هي في كل شئونه مثلما جاء في المسلسل فهذا أمر لا يمكن التعايش معه, خاصة في المناطق المتحضرة بعيدا عن الصعيد والريف والتي ينتشر فيها هذا السلوك . هذا رأي أمل رأفت ربة منزل .
بينما ترفض هالة أبيض سكرتيرة ، بشدة هذا الزوج, فمثل هذه الزيجة محكوم عليها بالفشل لأن رب الأسرة لا يعرف معاني الرجولة من شهامة وتحمل للمسئولية والتفاني في العمل ليقوم بدوره الطبيعي في الحياة .
ولكن روان أكرم ، كان لها رأياً مخالفاً ، حيث تقول : " حواء دائما تحاول فهم زوجها وتتعامل معه بالأسلوب الذي يناسبه فما المانع أن يكون ذلك مع رجل مدلل, وإن كان لا يتحمل المسئولية فلا مشكلة, فمؤخرا أصبحت السيدات يفضلن التحكم في زمام الأمور, فهي تتحمل المسئولية وهو يوفر لها المال اللازم " .
ارتباط مرضي
غالباً ما يكون ارتباط الابن بأمه نابعاً من حبه لها وتمنيه بأن تكون زوجته نموذجاً جديداً منها ، ولكن أحياًناً يكون هذا الارتباط مرضي , حيث تقول دكتورة مديحة الصفتي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية: إن الارتباط الشديد بين رجل عمره ستون عاما وبين أمه يعد حالة مرضية ينتج عنها شخص غير ناضج انفعاليا وغير مسئول ولا يمكن الاعتماد عليه, كما أن مشاعره تكون دائما غير مستقرة, أما بالنسبة لاحتفاظ الرجل الشرقي بنبذة من شخصية حمادة عزو فهو أمر لا يمكن التسليم به, فالرأي القائل إن هناك تفاوتا مع الاحتفاظ بالسمة الأساسية قد يكون صحيحا مع تأكيد أن التفاوت واسع وكبير, فمعظم الرجال يعتمد عليهم ويتحملون المسئولية بقدر كبير من الجدية.
وترى الدكتورة مديحة الصفتي أن التدليل أمر مطلوب من الزوجة ولا مانع أبدا أن تقوم حواء بتخفيف أعباء الحياة عن زوجها, ورغبة الرجل في أن يتم تدليله من قبل زوجته أمر مقبول ولكن المرفوض أن يتقمص شخصية الطفل المدلل طوال الوقت.
وأخيرا تؤكد أستاذة علم الاجتماع على أهمية تفهم المرأة طبيعة وعقلية زوجها فتحقق له ما يريد دون صدامات ودون التنازل عن أساسيات ضرورية كي تظل العلاقة بينهما علاقة صحية.
حضن ماما
قد ينتج عن ارتباط الابن المدلل بأمه عدم التطلع إلى فكرة الزواج مكتفياً بحضن أمه عن زوجته والدنيا وما فيها .
هذا ما أكده استطلاع حديث للرأي ، موضحاً أن شباب اليوم يفضلون البقاء مع أمهاتهم على تأسيس بيت الزوجية وان الاحتماء برعايتهن ودلالهن أكثر راحة من مسؤوليات الأسرة وطلبات الزوجة.
الاستطلاع جاء جزءاً من دراسة أعدتها "تينا حسين" باحثة في علم النفس، تحت عنوان "نعم للحب لا للزواج"، شارك فيه أكثر من 500 شاب من جنسيات عربية وأجنبية، من أوساط مختلفة، تتراوح أعمارهم بين 25 و 35 سنة، وتبين أن 40% من عينة البحث يفضلون العيش في كنف أمهاتهم على العيش مع زوجة عصرية كثيرة الطلبات، بينما لم تعارض 30% من العينة فكرة الزواج والاستقلالية بعيدا عن الوالدة، إذا ما توفرت الشروط المادية لذلك. أما البقية(30% فتحمسوا لفكرة الزواج والعيش مع الوالدة بشكل مؤقت حتى يدخروا ما يكفي لشراء بيت وسيارة ومن ثم الاستقلال والإنجاب.
هنا أشارت الباحثة " تينا حسين" إلى أن نتيجة الدراسة مؤشر خطر على المستقبل الذي ينتظر شباب وبنات العصر، إذ أن ذلك سيؤدي إلي تقويض مؤسسة الزواج، وسيؤخر سن الزواج أكثر مما هو متأخر الآن، وسيزيد نسبة العنوسة بين الشابات وهي نسبة تفاقمت كثيرا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد ازدياد معدلات الانفصال والطلاق.
قوة شخصية الأم
أما الدكتور فكري عبد العزيز أستاذ الطب النفسي، يرجع اعتماد الابن على أمه بعد زواجه بطريقة مرضية إلى قوة شخصية الأم وضعف شخصية الابن، موضحاً أن هناك حالات شكوى كثيرة من الزوجات بأن الزوج ينقاد وراء آراء أمه بشكل كبير حتى في حالة عدم اقتناعه بالرأي؛ لكنه يصر على تطبيقه في أغلب الحالات.
وشكوى أخرى أن الزوجة ترى أن زوجها مثالي، ولكن ارتباطه بأمه يأخذ شكلاً مرضياً، فلا يمر يوم بدون أن يقوم بزيارتها، حتى ينقل لها كل الأخبار، وإذا تضررت من ذلك يذكر لها فضل الأم ورأي الدين في طاعتها.
وفي هذه الحالة ينصح الدكتور فكري الأمهات والأزواج بـ:
- الاعتدال في العلاقة بين الابن وأمه.
- عدم التدخل في حياة الابن بصورة قوية.
- على أي أم أن تعلم أنها في حياة ابنها شيء، وأن زوجته شيء آ خر، وأن الزوجة لن تأخذه، وتستأثر به بعيداً عن الأم.
- على الزوج أن يعلم أن هناك حياة جديدة، يجب أن تكون مستقلة بعيداً عن حياته السابقة، وأن أسرار منزله يجب ألا يطلع عليها أحد حتى وإن كانت والدته.